مقالات

بيئة العمل… مختبر القيم قبل أن تكون مكانًا للوظيفة

 

بقلم : سلمان محمد الفليو الشراري

لم يعد العمل في زماننا مجرد مقرّ نتجه إليه صباحًا لنؤدي مهامنا اليومية ونغادره عند نهاية الدوام. بل هو مساحة رحبة تكشف لنا الكثير عن أنفسنا، وتختبر فينا القدرة على الصبر، والقدرة على احترام الآخرين، والإصرار على الحفاظ على جذوة الشغف مشتعلة وسط روتين يبتلع التفاصيل.

الضغوط مقياس للتحمّل

تحت ضغط الملفات المتراكمة والمواعيد الضيّقة، تُختبر قوة الفرد الحقيقية. فإما أن يتعامل مع الضغوط بانفعال يفسد الأجواء، أو يحوّلها إلى دافع للإبداع والتميّز. ومن هنا يظهر الفرق بين من يرى العمل عبئًا يثقله، ومن ينظر إليه كفرصةٍ لصقل شخصيته وصبره.

التوتر يكشف الأخلاق

في لحظات التوتر الحاد، قد يسقط القناع وتظهر الطبائع كما هي. هناك من يفقد احترامه لنفسه ولزملائه في لحظة غضب، وهناك من يثبت أن الأخلاق المهنية ليست شعارًا بل ممارسة يومية، يحافظ فيها على هدوئه واتزانه مهما كان حجم التحديات.

الروتين عدو الشغف

الروتين يظل العدو الأكبر في أي بيئة عمل، يطفئ الحماس ويجعل الأيام متشابهة. لكن الإنسان الواعي هو من يعيد إشعال شغفه من جديد، بالبحث عن معنى أعمق لعمله، وربطه بهدفٍ يضيف قيمة لحياته ولحياة من حوله، سواء كان ذلك بخدمة مجتمعه، أو بتأمين مستقبل أسرته، أو حتى بتطوير ذاته.

العمل مرآة صادقة

العمل ليس مجرد مهمة وظيفية، بل مرآة صادقة تُظهر للإنسان حقيقته: هل هو صبور أم عجول؟ هل يحترم الآخرين أم يتعالى عليهم؟ هل يعمل بشغفٍ أم يستسلم للروتين؟ لذلك تبقى بيئة العمل مختبرًا أخلاقيًا قبل أن تكون مكانًا للرزق.

خاتمة

في نهاية المطاف، من يتجاوز ضغوط العمل بصبر، ويواجه التوتر باحترام، ويحافظ على شغفه حيًا رغم الروتين، هو من يحقق النجاح الأسمى. نجاح لا يُقاس بالراتب أو المنصب، بل يُقاس بإنسانيةٍ صقلت بالتجربة، وقيمٍ صمدت أمام الامتحان اليومي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى