مقالات

الشغف والعقل المتبحّر: درب لا يعرف المستحيل !

 

بقلم : خلود إبراهيم السقوفي

حين يُحب الإنسان عمله، يتحوّل من مجرّد موظف يؤدي واجباته إلى صانع حقيقي للإنجازات. فالحب يشعل الطاقة ويجددها فلا يترك في القلب متّسعًا للتكاسل، بل يدفع صاحبه لبذل كل مستحيل، ويزرع فيه الإصرار على تجاوز العقبات مهما تعاظمت.
الإنسان الشغوف بعمله لا يكتفي بما يُطلب منه، بل يسعى دائمًا لأن يُضيف ويُبدع ويُطوّر. ويوسع ويتوسع أكثر وأكثر فبالنسبة له، العمل ليس وظيفة عابرة، بل رسالة عميقة متشعبة في الهدف ومتنوعة في مسارات الحياة .

وفي موازاة هذا الحب، تبرز النفس الشغوفة، تلك التي لا تتكاسل مهما واجهت من صعوبات أو عثرات، بل تحارب ببسالة، وتقاوم بجزالة، وتمضي قدمًا بإيمان راسخ أن لا شيء مستحيل أمام الإرادة والصدق مع الذات.

وهنا يتكامل دور العقل المتبحّر، الذي لا يرضى بالتقوقع في اتجاه واحد، ولا يكتفي بخط فكري أو مهني محدود.
هذا العقل يُشبه البحر في عمقه واتساعه؛ لا يهدأ، ولا يتوقف عن التعلّم، والبحث، والتجديد. إنه عقلٌ منفتح على المعارف، متعطّش للخبرات، يستفيد من كل تجربة، ليصنع منها سُلّمًا يرتقي به نحو آفاق أرحب.

العقل المتبحّر لا يرى في التخصص قيدًا، بل بوابة للانطلاق. ومهما كان مجاله، فهو يسعى إلى التوسّع، واختراق الحواجز، وابتكار روابط جديدة بين العلوم والفنون والتقنيات.
إنه عقل يُغذّيه الشغف، وتدفعه روح التطوير، ويجري في عروقه المعنى الحقيقي للتميّز.

وحين يجتمع حب العمل مع النفس الشغوفة وعمق التفكير واتساع الأفق، يولد الإبداع. عندها، لا يعود التميّز مجرّد حلم، بل يتحوّل إلى واقع يُجسّده صاحبه في كل ما يُقدّمه.
فهذا النوع من الأشخاص هو من تُبنى بهم الأمم، وتُصاغ على أيديهم ملامح المستقبل.

وفي الختام، ليس كل مَن يعمل مبدعًا، لكن كل من أحبّ عمله، وامتلك عقلًا متبحّرًا، ونفسًا لا تعرف الكلل، فهو مشروع مبدع حقيقي، لا حدود لطموحه، ولا نهاية لعطائه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى