امواج الحياة.. مد وجزر

بقلم / حلا الخالدي
الحياة تُشبه البحر في مدّه وجزره الذي لا ينقطع. تدفعنا أمواجه أحيانًا إلى أعالي التجارب العصيبة، حيث قسوة الأيام وضيقها وثِقَل المسؤوليات، فنبدو وكأننا في قلب عاصفة لا مفر منها. ثم لا تلبث أن تنحسر، لتمنحنا لحظة هدوء، نلتقط فيها أنفاسنا ونستشعر حلاوة السكينة بعد صخب طويل.
في كل مدٍّ وجزر رسالة خفية؛ فكما أن البحر لا يبقى هائجًا إلى الأبد، كذلك الحياة لا تدوم على حال. تتقلب أحوالها وتتبدل أقدارها، وقلوبنا بين حزنٍ وفرح، وشدةٍ ولين. ومن بين هذه التحولات نتعلم أن الصبر ليس مجرّد فضيلة، بل هو المركب الوحيد الذي يعبر بنا الموج.
سرّ العيش الهانئ لا يكمن في الفرار من تقلّبات الحياة، بل في تقبّلها كما هي؛ بحلوها ومرّها، بعلوّها وانخفاضها. فمَن رضي بما قسم الله له، أيقن أن وراء كل عسرٍ يُسرًا، وأن تبدّل الحال ليس عبثًا، بل تدبيرٌ إلهي يحمل في طيّاته فرجًا قد يفوق التوقّع.
هكذا تهمس إلينا أمواج البحر: لا دوام لمدّ ولا لجزر، فمشيئة الله وحدها كفيلة بأن تُحوّل الضيق إلى سعة، والخوف إلى طمأنينة، والدمعة إلى ابتسامة أمل