Uncategorized

عظماء بلا مدارس

بقلم / حلا الخالدي

لطالما كان للنفوس العظيمة جاذبية تأسر القلوب، ولطالما وجدتُ في قراءة سير الكبار والنهل من قصص حياتهم غذاءً للفكر وروحاً تبعث على الأمل. فإن حياة العظماء ليست مجرد صفحات طواها الزمن، بل هي كتب مفتوحة نستقي منها الحكمة، ونجني من تجاربها ثمار الصبر والإصرار. كأنهم يضيئون لنا دروب النجاح بمشاعل تجاربهم، يرشدوننا إلى الطرق التي سلكوها، ويكشفون لنا عن المنعطفات التي أخفقوا فيها ثم تجاوزوها، حتى غدت لحظات سقوطهم درجات صلبة في سُلّم صعودهم الطويل نحو القمة.

وما يثير الدهشة في تلك السير المضيئة أن أصحابها لم يسلموا من العواصف، ولم ينجوا من المحن، بل ذاقوا مرارة الخسارة، ووقفوا مراراً على أبواب الفشل. غير أن سر عظمتهم أنهم لم يستكينوا، ولم يجعلوا للفشل وطناً في قلوبهم. كانوا يؤمنون أن الانكسار العابر لا يعني نهاية الطريق، وأن الهزيمة في معركة صغيرة لا تعني خسارة الحرب بأكملها. كانوا يعيدون ترتيب صفوفهم، ويشحذون عزائمهم، ثم ينهضون من جديد أقوى وأصلب، وكأن المحن لا تزيدهم إلا يقيناً بجدارة ما يسعون إليه.

ولأنهم رفضوا الاستسلام، وأحسنوا استغلال الفرص المتكررة التي وهبتها لهم الحياة، فقد صعدوا سلّم النجاح درجة بعد أخرى حتى بلغوا المجد. ومن هناك، من علياء القمم، أطلّت علينا أسماؤهم مضيئة، محفورة بحروف من ذهب في صفحات التاريخ. ولهذا أصبحنا نذكرهم لا بما امتلكوه من مال أو سلطان، بل بما تركوه لنا من دروس خالدة في الصبر والكفاح، حتى استحقوا أن نصفهم بالعظماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى